الاثنين، 8 أبريل 2019

قراءات حرة .. غرفة تخص المرء وحده/ فرجينيا وولف

الكتاب: غرفة تخص المرء وحده
المؤلفة: فرجينيا وولف
ترجمة: عهد صبيحة
دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع

يعرفك الكتاب على الحركة النقدية النسوية في القرن العشرين. أفكار "فرجينيا وولف" وهي إحدى رائدات هذا النقد، تعالج قضايا المرأة ورؤية الآخر/الرجل للمرأة. والكتاب عبارة عن محاضرات ألقتها الكاتبة على طالبات جامعة "كامبريدج"، حيث قدمت وجهة نظرها ورؤيتها لأوضاع المرأة في القرن السادس عشر وما بعده؛ وناقشت العديد من النقاط منها:

الشروط الضرورية من أجل خلق أعمال إبداعية. تأثير الفقر على الكتابة. كما استعرضت جملة من الآراء المجحفة في حق المرأة، والتي صدرت عن كتّاب ونقّاد ورجال دين وسياسيين، كنابليون وموسوليني اللذين أكدا وبشدة على دونية النساء.
خلصت "وولف"إلى أن المرأة في عالم الخيال، في غاية الأهمية، أما في الواقع العملي فلا أهمية لها على الإطلاق. فهي تتخلل كتب الشعر من الجلدة إلى الجلدة، وهي كل شيء لكن لا وجود لها في التاريخ. كما أنها تهيمن على حيوات الملوك والغزاة في الأدب، وفي الواقع هي الخادمة لصبي فرض أهلها عليها أن تضع خاتم خطبته في إصبعها.

- أقرت "وولف" أن لا شيء معروف عن النساء قبل القرن الثامن عشر، وليس هناك أنموذج يمكن استحضاره، لذلك بحثت في أسباب غياب النساء عن الكتابة وتأليف الشعر في العصر الإلزابيثي.

-وفي محاولة للإجابة عن السؤال: ما هي الحالة الذهنية الأكثر ملاءمة لفعل الإبداع؟ عرضت "وولف" الصعوبات التي واجهت المرأة في تأليف العمل الأدبي، ووجدت أن الظروف المادية كانت العائق الأكبر، بالإضافة إلى عدم امتلاك المرأة لغرفة خاصة بها، وعدم تمتعها بالحرية الكافية التي تسمح لها بالذهاب في رحلة، أو زيارة قصيرة إلى فرنسا أو امتلاك مسكن مستقل يحميها من مطالبات واستبداد عائلتها،
والأسؤا مما سبق، كما ترى "وولف"، لا يتوقف عند لا مبالاة العالم بعملية تأليف الكتب عموما، كما عند الكتّاب أمثال كيتس وفلوبير وغيرهما من الرجال العباقرة، بل تحولت اللامبالاة إلى عداء، في حالة المرأة، فالعالم لا يقول لها كما يقول للكتاب الرجال:"اكتبي لو أردت ذلك، فالأمر لا يعنيني"، بل يقول لها مقهقها: "تكتبين؟"مالفائدة من كتابتك؟"
لذلك اعتبرت"وولف" أن توقيع الكاتبات لأعمالهن الإبداعية بأسماء مستعارة كان الملاذ لهن لإخفاء هُويتهن حتى وقت متأخر من القرن التاسع عشر، مثل:  كارير بيل وجورج إليوت وجورج صاند(وهي الأسماء الأدبية التي كتبت تحتها شارلوت برونتي (كارير بيل) وماريان إيفانز (جورج إيليوت)، وأمانتين دوبان (جورج  صاند). وهذا الملاذ كان امتثالا للعرف الذي إن لم يكن زرعه الجنس الآخر -كما تقر وولف- فإنه قام بالتشجيع على فكرة أن شهرة النساء امر بغيض. قال بيركليس:"المجد المضيء في حياة المرأة هو الا يتحدث عنها أحد.


-ناقشت "وولف" مسألة كتابة الروايات وتأثير جنس الكاتب عليها، منطلقة من التساؤل: هل تتعارض حقيقة الجنس البيولوجي مع كمال الروائية المرأة؟ هذا الكمال الذي تعده "وولف" العمود الفقري للكاتب.
ومن خلال بعض الأمثلة السردية التي توردها "وولف" تواصل شرح كيفية تأثير الضغط على المرأة وإبقائها في البيت لترتق الجوارب، في حين هي تتوق إلى التجوال حرة في العالم، وهو ما انعكس على إخلاصها لإبداعها. لذلك خلصت إلى أن المرأة الكاتبة كانت تكتب في مواجهة نقد ما، وكانت تعبر عن ذلك بالعدائية أو الاسترضاء، أي أنها تعترف بأنها "مجرد امرأة"، أو تحتج قائلة أنها "مثل الرجل"، وبذلك فهي تواجه النقد بما يمليه مزاجها المتأرجح بين الطاعة والحياء،  أو الغضب، وفي كل حالاتها تكون الكاتبة قد فكرت في الإبداع خارج الإبداع نفسه، ولم تحقق إخلاصها لكمال إبداعها كما تعبر عنه "وولف"، وبذلك يصدر كتابها وفيه خلل في مركزه.

- أشادت"وولف" بإبداع كل من جين أوستن وإيميلي برونتي معتبرة إياهما المفخرة الأرقى؛ لأنهما كتبتا كما تكتب النساء لا كما يكتب الرجال، وكانتا الوحيدتين اللتين تجاهلتا النصائح الأزلية: اكتبي هذا وفكري بهذا. وقد تجاهلتا ذلك الصوت الذي لا يمكن أن يترك النساء في حالهن.
تختم "وولف"محاضراتها بتقديم بعض النصائح للطالبات.

 ليس هذا كل ما احتواه الكتاب، هناك الكثير من الأفكار، والتفاصيل الجميلة في عالم المرأة. وهتاك الكثير من الفائدة والمتعة، لذلك فالكتاب يستحق القراءة.