الثلاثاء، 5 مارس 2019

قراءات حرة ... هيا نشتر شاعرا / أفونسو كروش

الرواية: هيا نشتر شاعرا 
المؤلف: أفونسو كُروش
ترجمة: عبد الجليل العربي
دار:  مسكلياني

تعالج الرواية قضية النزعة المادية/النفعية، التي طغت على الإنسان، وجعلته يتعامل مع الأشياء والناس بمقياس منفعته الخاصة، بالإضافة إلى خضوع هذا الإنسان خضوعا كاملا للشركات التي احتلت حياته وخصوصياته، وبرمجت علاقاته.
حاول الكاتب انتقاد هذا الأسلوب الحياتي الذي تنعدم فيه القيم الإنسانية، معتمدا على الأسلوب السردي الساخر، تجلى ذلك، في طلب الفتاة الساردة من والدها أن يشتري لها شاعرا، والساردة في سن المراهقة، تنتمي إلى عائلة غنية تسيطر عليها القيم المادية في أبسط تفاصيل حياتها.

بدخول شخصية الشاعر إلى السرد ومشاركة العائلة حياتها، يحاول الشاعر أن يوازن بين القيم الحسية المادية التي تجسدت على طاولة طعام العائلة وفي غرف نومهم وفي أدق تفاصيلهم اليومية... وبين القيم المعنوية الجمالية، النابعة من خيال الإنسان، هذا الخيال الذي ينتج الاستعارات والكنايات والصور الشعرية من خلال إلقاء الأبيات الشعرية التي تخلق جوا مختلفا عن عالم الحسابات الذي يسيطر على أفراد الأسرة، وبذلك تبرز القيم الجمالية للفن، فتمنح قيمة ودورا للشعر والشاعر في حياتنا يقول:"قدّم صامويل جونسن في معجمه ثلاثة تعريفات لكلمة “شاعر” وهي في ترتيب تنازلي حسب الأهمية: الأول، “شخص يبتكر”؛ الثاني، “كاتب خيال”؛ وأخيراً: “كاتب قصائد

يبين الكاتب أهمية الخيال وضرورته في حياة الإنسان، قائلا:"الخيال ليس هروبًا من القبح، ومن الرعب، ومن المظالم الاجتماعية، وإنما، هو بالضبط تصميم لبناء بديل، هندسية فرضية لمجتمع أكثر انسجامًا مع انتظاراتنا الإنسانية والأخلاقية". 

من الناحية الفنية:

تسيطر الفتاة/الساردة على السرد، وتسرد بضمير المتكلم، كما أنها تسلم دفة السرد من حين لآخر إلى الشخصيات الأخرى، من خلال تقنية الحوار الذي تتبادله مع باقي شخصيات الرواية، مع الشاعر أو مع أخيها أو أمها أو والدها. 
لم يرتكز بناء الرواية على تقديم مكونات السرد بالطريقة المألوفة؛ الشخصيات والمكان والزمن، إذ جاءت الشخصيات بلا ملامح ولا أوصاف، ولا تحمل إلا أشكالا أو رموزا تدلل عليها، كما ذكر أخ البطلة عن بعض اللواتي يرافقهن أو يتحدث إليهن، فهن يحملن رموزا دون أسماء. كما أن البطلة/الساردة كذلك بدون أوصاف تقدمها للقارئ، باستثناء اختلافها عن عائلتها، والمتجسد في رغبتها إقتناء شاعر، وهو ما يبين ميلها إلى الجانب القيمي الجمالي.

تنتهي الرواية، بإفلاس الأب في صفقاته ودخوله في ضائقة مالية، تضطر العائلة للتقشف، ويكون الشاعر أول ضحايا هذا التقشف، فيستغنون عنه.

- فهل يمكننا أن نستغني عن الشعر في حياتنا؟

رغم بساطة الرواية التي تبدو واضحة الفكرة والهدف، إلا أنها مفتوحة على العديد من التأويلات التي يمكن أن تظهر من تعدد القراءات.

الرواية مسلية وأنصح بقراءتها، فهي لا تأخذ من القارئ أكثر من جلسة واحدة.




مقتطفات من الرواية:

(يتكلم مع كتبه، وكأنه يتكلم مع أصدقائه).

ليست هناك تعليقات: