الخميس، 28 فبراير 2019

قراءات حرة .. رواية: "رسالة من مجهولة" ستيفان زفايج

قراءة في رواية:"رسالة من مجهولة" لـــ : ستيفان زفايج 
ترجمة : أبو بكر العبادي


المؤلف في سطور :

ستيفان زفايج أو زفايغ، كاتب نمساوي ذو مكانة أدبية مرموقة في كتابة الروايات والمسرحيات والأبحاث الأدبية، ولد سنة1881، كتب زفايغ سيرته الذاتية في:"عالم الأمس" وأبدع فيها، من أشهر رواياته: "لاعب الشطرنج" " 24 ساعة في حياة امرأة"، "أموك، سعار الحب"، "الشفقة الخطيرة"... تمتاز كتابات زفايغ بالغوص في النفس البشرية، واخراج ما بداخلها من مشاعر كامنة، واشتهر بالروايات القصيرة، أو القصص الطويلة. وقد أنجز العديد من الدراسات والأبحاث التي تتناول حياة المشاهير من الأدباء، مثل ديستوفسكي، بلزاك، تولستوي...
عايش زفايغ، ويلات الحرب العالمية الثانية، وانتهى به المطاف، بانهاء حياته يائسا من أوضاع العالم، وتدهور السلم العالمي، توفي سنة 1942.
ترجمت بعض روايات زفايغ إلى اللغة العربية، وقد قرأت بعضها مثل: "لاعب الشطرنج" و"الخوف"، و"آموك سعار الحب". ورواية  "رسالة من امرأة مجهولة".


كان أول لقاء لي مع "زفايغ"، من خلال روايته:"رسالة من مجهولة"، ويمكنني القول إنه كاتب بارع، يعرف كيف يحفر في النفس البشرية، ويستخرج أدق إحساستها الأليمة والسعيدة، تجسد ذلك من خلال البطلة مجهولة الاسم التي عشقت كاتبا كبيرا من الطبقة الأرستقراطية، وقد انتقل للسكن في نفس العمارة التي تسكن فيها البطلة مع والدتها، والبطلة، فتاة في الثالثة عشر من عمرها، حرمت من والدها، وقد وقعت في حب هذا الكاتب الناضج.
تبدأ مرحلة حب المراهِقة من خلال تتبعها لأدق تفاصيل هذا الرجل، ولكل الداخلين إلى بيته والخارجين منه، بالإضافة إلى مراقبة خادمه، لمعرفة معلومات عن الكاتب، وعن سهراته والنساء اللواتي يرافقهن، والألم الذي يصيبها عند رؤية ذلك.

تسرد الفتاة العاشقة حكايتها، فنعيش معها حياة هذا الكاتب بأدق التفاصيل. وقد ظلت الفتاة تراقب الكاتب إلى أن فاجأتها والدتها باعتزامها الانتقال إلى مدينة أخرى مع رجل عرض عليها الزواج، حزنت العاشقة، لكنها رضخت لأمر والدتها، مع احتفاظها بحبها للكاتب، إلى أن صارت شابة في الثامنة عشر، وعادت إلى مدينة حبها الأول، وإلى العمارة التي كانت تسكن فيها، فوجدت أن حبيبها الكاتب، مازال محافظا على بيته الذي أحبته البطلة وتمت دخوله.
اشتغلت المراهقة في متجر لبيع الملابس، يقع بالقرب من بيت عشيقها الكاتب، وظلت تراقبه طيلة أيام لتلفت انتباهه، وجاءتها الفرصة، حين عرض عليها الكاتب عشاء في شقته، كعادته في اصطحاب امرأة يقضي معها الليل، وكانت تتأمل هذه العاشقة، أن الكاتب قد يتعرف عليها، لكن خاب ظنها. تقول: "لم أكن بالنسبة إليك سوى مغامرة وامرأة نكرة".
أما بالنسبة للكاتب، فالشابة الجميلة، ليست سوى لحظة متعة عابرة، تنتهي بانتهاء الليل. وهبت العاشقة نفسها لحبيبها بكل حب، وظلت تواعده لمدة ثلاثة أيام، كان نتيجتها حملها بطفل منه، وكانت لحظة وفاة طفلها، هي لحظة استعادة كل ذكرياتها مع هذا الكاتب، لتستعيد كل تفاصيلها الصغيرة عبر تقنية الاسترجاع، ومن خلال رسالة تكتبها له، لتخبره عن كل آلامها التي تحملتها، وعذابها من هذا الحب الذي انتهى بها إلى الموت، تقول: سمح لي يا حبيبي أن أروي لك كل شيء منذ البداية فلا تضجر أتوسل إليك وأنت تسمعني أتحدث عن نفسي لمدة ربع ساعة، أنا التي لم تضجر طيلة حياتها يوما من حكيك".
..

-      تحكى الرواية بضمير المتكلم من خلال الساردة/البطلة التي تحكي قصتها بالغوص في دواخل نفسها، من خلال تقنية تيار الوعي الذي أسهم في استخرج أدق المشاعر. وكما ذكر  مراجِع الرواية: "العادل خضر" في الخاتمة أن "ستيفان زفايغ" صديق لفرايد، لذلك يبدو أنه متأثر به في تحليل النفس البشرية، وذكر أن البطلة تنطبق عليها نظرية "فرويد" الخاصة بعقدة إلكترا المستوحاة من أسطورة الكترا اليونانية والتي تتضمن حسب «سيغموند فرويد» التعلق اللاواعي للفتاة بوالدها، وهو ما يقابلها عند الذكر عقدة أوديب.
..


مقتطفات من الرواية:


"أحبك كما أنت متأجج وسريع النسيان، سخي وخائن، أحبك هكذا، لا شيء إلا هكذا كما كنت دائما، وكما أنت الآن" . 

"لا أحد يكذب في عتمة الموت"

-      " حين لا نتعرف على أنفسنا، لا يتعرف علينا أحد"

-       "الناس الذين يعيشون في ضيق نهمون دائما لمعرفةكل جديد يعبر أبوابهم"

ليست هناك تعليقات: