الخميس، 28 فبراير 2019

قراءات حرة.. رواية الخوف ..لـــ ستيفان زفايغ



قراءة في رواية "الخوف" . ستيفان زفايغ"
ترجمة: أبو بكر  العبادي


يواصل "ستيفان زفايغ" مهمته التي يبرع فيها جيدا، وتمثِّل عالمه المفضل، وهي الغوص في النفس البشرية، ونقل ما يعتريها من مشاعر وتغيرات، قد لا يفهمها صاحبها.. فهو يدرك إحساس المذنب، فيجسده في شخصية "إيرين" العائدة للتو من بيت عشيقها، فتشعر ، وكأن كل العيون تراقبها، وتعرف من أين جاءت. بقول السارد/المؤلف:"ذلك الوهم العبثي بأن كل نظرة غريبة في الشارع يمكن أن تعرف من أين جاءت، لو انحطت عليها وترمي هلعها بإبتسامة وقحة".

يقدم السارد معلومات عن شخصباته بالتدريج؛ يعرفنا على اسم البطلة، ثم يخبرنا عن تواجدها في بيت عازف البيانو، وعن خيانتها، وتراجعها هذه المرة، وإحساسها بالضيق من فعلتها، وحرصها على المغادرة بسرعة لاستعادة عالمها البرجوازي، وأثناء خروجها تعترضها امرأة تدعي أنها صديقة إدوارد عازف البيانو، وأنها خطفته منها، وأنها ستفسد حياتها، وهو ما أرعب البطلة، وجعلها تعيش تحت رحمة هذه السيدة وإبتزازها.

تحكي الرواية قصة عن "إيرين" المرأة الثلاثينية الجميلة التي تنتمي إلى الطبقة البرجوازية، تعيش حياة سعيدة مع طفليها، وزوجها المحامي المشهور منذ ثماني سنوات،  وفجأة تشعر بالفتور في حياتها، فتجد نفسها في علاقة غير شرعية مع عازف البيانو، دون أن تحس بالانجذاب نحوه. يقول السارد محاولا تفسير هذا الشعور :"ثمة مناخات فاترة، تجعل  سعادات معتدلة أكثر إغاظة من المصائب" . 

 إذن:
ماذا أراد المؤلف أن يقول من خلال حالة "إيرين" التي تقدم على هذه المغامرة المجنونة، دون أن يكون لديها أية رغبة في ذلك، رغم ذلك تخون زوجها وحياتها الهادئة، يقول:"أي جنون مرعب ألقى بها في مغامرة لم يعد قلبها يفهمها، وإن أدركتها حواسها قليلا؟ لم تعد تعلم عن ذلك شيئا، كل ما حدث بدا لها غريبا عنها، بل كانت ترى نفسها غريبة
تعيش البطلة"إيرين" الخوف من أن يكتشف زوجها خطيئتها، فتنقلب حياتها رأسا على عقب، خاصة بعد أن وصلت تلك المرأة، صديقة عازف البيانو إلى بيتها وبدأت مرحلة الابتزاز والملاحقة، 
يحاول زوجها التخفيف من حالة الرعب التي تعيشها، فيقدم لها بعض النصائح بطريقة غير مباشرة، ترمي في معظمها إلى أن الاعتراف يريح الإنسان ويخفف من توتره، لكنها تخبره بأن الإنسان أحيانا يخشى من لحظات الخجل التي تعتريه، حين يكتشف أمره، أكثر من الخوف في حد ذاته. تسوء حالة البطلة فتحاول الانتحار للتتخلص من آلام الخوف، لكن تحدث المفاجأة التي لم تكن متوقعة.  

تستحق رواية"الخوف" القراءة، وهي رواية قصيرة لا تتعدى صفحاتها(83)ص.


ليست هناك تعليقات: